الاثنين، 26 سبتمبر 2011

الجاسوسه المصريه التي امر مبارك بترحيلها دون القاء القبض عليها


هذا التحقيق تسبب في تدخل جه سياديه بالدوله (المخابرات العامه) و سحبت الجريده من الطبع و تم تغيير الصفحه
هذه اول مره جريده قوميه تتصادر في المطبعه
تاريخ العدد الثلاثاء 27\9\2011

تجسست علي الاقتصاد المصري ورجال الأعمال المصريين وظلت فترة في القاهرة تتابع نشاطهم وترسل بياناتهم الشخصية والمعلومات الكاملة عن شركاتهم ومصانعهم إلي تل أبيب، إنها الجاسوسة الاقتصادية «ديفورا جناني إلعاد» التي كانت إقامتها في القاهرة حتي اكتشاف أمرها، هادئة عملت خلالها علي تتبع رجال الاقتصاد المصري في جميع المجالات وحينما تم اكتشافها لم يتمكن أحد من القبض عليها وأمر الرئيس المخلوع حسني مبارك بعدم المساس بها والسماح لإيهود باراك بأن يعيدها علي طائرته الخاصة لتل أبيب لتستقبل استقبال الأبطال علي الرغم من أنها كانت أخطر من تجسس علي مصر صناعيا خلال فترة الثلاثين عامًا الماضية..
وننفرد في «روزاليوسف» بنشر قصتها.. الزمان صباح الثلاثاء 15 يوليو 1997 .. المكان السفارة المصرية بتل أبيب مكتب السفير المصري "محمد بسيوني" وإشارة مشفرة تصل إلي السفارة من جهاز مصري سيادي يخطر السفير بأن حدثًا أمنيا مهمًا سيحدث لمواطن إسرائيلي مساء اليوم بالقاهرة سيكون له أثر في إسرائيل وعلي السفارة أن تستعد لتداعيات الأحداث، بسيوني يقف حائرا فالمعلومة لا تكشف الكثير وتهدد تل أبيب، وهم لم يفيقوا بعد من ضربة "عزام عزام" الذي سقط بالقاهرة في 5 نوفمبر 1996 وقد راح يراجع كل ملفات التأشيرات العادية والمتعددة حيث شهدت الفترة من عام 1992 قرارًا رئاسيا مصريا من "حسني مبارك" بمنح رجال الأعمال الإسرائيليين ما يسمي بالتأشيرة المتعددة الاستخدام (الملتي فيزا) لتسمح لحاملها بحرية الدخول والخروج من مصر دون مشاكل وأحيانًا السفر والعودة لمدة عام كامل.

علي الجانب الآخر كانت "ديفورا جناني إلعاد" مواليد إسرائيل 6 أغسطس 1945 سيدة الأعمال الإسرائيلية تستعد لوداع إبنها "عاموس إلعاد" الملازم أول وقتها في القوات الخاصة الإسرائيلية وابنتها "كارمل إلعاد" الضابطة الجديدة يومها بجيش الدفاع الإسرائيلي لتعود للقاهرة التي عاشت بها دون أي تدخل أمني ودون أن تتمكن في أي يوم من الكشف عما يجري حولها مع أنها كانت تحت السيطرة والتحكم منذ ساعتها الأولي علي أرض مصر.

كان المشهد عاديا فقد كانت تعيش بين القاهرة وفيللتها الصغيرة التي تعيش فيها شراكة مع أسرة أخري تؤجر نصف الفيللا وبينهما حاجز بالحي الألماني في القدس الغربية منذ يونيو 1993 عندما استقرت في مصر ممثلة تسويقية لشركة أمريكية عالمية تدعي "وارلد وايد فيجين" من كبري الشركات الأمريكية في مجالات تسويق العطور ومنتجات التجميل وإكسسوارات الجمال.

نحن الآن في مشهد النهاية في مطار بن جوريون حيث تصعد ديفورا لطائرة العال الإسرائيلية والساعة تشير إلي الثانية عشرة والنصف مساء وقد أصبحنا في يوم الثلاثاء 15 يوليو 1997 .

في الطائرة جلست ديفورا بجانب الصحفية المصرية "سونيا دبوس" من صحيفة الأخبار المصرية كانت قد أنهت لتوها مهمة صحفية لجريدتها بحوار مع رئيس الوزراء "شيمعون بيرز" وكانت سونيا علي الطائرة وتلعن الأمن الإسرائيلي الذي فتشها في المطار بطريقة لا تليق وظل الحوار بينهما إلي أن هبطت الطائرة بمطار القاهرة الدولي الساعة الثانية فجر الثلاثاء 15 يوليو وأمام طابور الجوازات وقفت ديفورا تنتظر خاتم جواز سفرها غير الدبلوماسي وتأشيرتها لمصر تدل علي أنها مفتوحة.

أخذ ضابط الجوازات جواز سفرها وختمه بخاتم الدخول لكنه لم يعده إليها وكانت علي وشك الانهيار وهي تشعر بأنها قد كشفت وتركوها ثلاث ساعات دون رد خلالها نجحت بمساعدة مكتب سفريات لا يعلم بموضوعها في إجراء ثلاث مكالمات، الأولي لنائب القنصل الإسرائيلي في مصر "ميخائيل شطريت" فلم تجده في منزله لكنها وجدته لدي منزل الملحق التجاري "رؤوفين عازر" فأعلنا لها أنهما في الطريق إليها وسيوقظان رئيس الحكومة من نومه ليتدخل لدي مبارك، أما المكالمة الثالثة فقد كانت لابنها عاموس في القدس وطلبت منه تدخل بعض الصحفيين والمسئولين ليساعدوها وكما أخبرت ابنها: "قبضوا عليها في مصر".

في المطار بعد أن أغلق أحدهم الخط من يدها دعيت للتحقيق بمكتب أمن الجوازات الذي استجوبها في نحو 80 دقيقة عن أسئلة روتينية حيث تدخل في التليفون "زكريا عزمي" وأمرهم باسم الرئيس بنقلها لفندق الترانزيت فاصطحبها الأمن إلي مبني فندق الترانزيت المقابل لصالة الوصول داخل دائرة المطار وتم التنبيه علي الفندق بالتعليمات ووقف يحرس الفندق رجال الأمن المصري لحين البت في أمرها حيث رفض الرئيس المصري لأسبابه الشخصية إلقاء القبض علي ديفورا وتدخل إيهود باراك الذي كان سيتقابل مع الرئيس بعدها بساعات، فسمح مبارك بتركها تعود لإسرائيل علي طائرة إيهود باراك الذي حقق مكسبًا سياسيا خطيرًا منحه مبارك إياه هدية لأنه أنقذ عميلة إسرائيلية من مصير غامض في مصر.

وفي تمام الساعة السابعة مساء نفس اليوم كانت طائرة إيهود باراك تهبط مطار بن جوريون ومئات من الإسرائيليين ينتظرون ديفورا جناني ويستقبلونها استقبال الأبطال وكنا في مصر قد تنفسنا الصعداء فقد رحل أكبر خطر علي الاقتصاد المصري من وجهة نظرنا الضيقة وقتها حيث كان القادم أخطر مائة مرة من ديفورا.

في القاهرة كانت ديفورا في الشهور الأولي تعيش إقامة دائمة (فول بوورد) في فندق شيراتون الجزيرة، والقاهرة كتاب مفتوح أمامها علي مدار الساعة حيث كانت عقب انتهاء جولاتها علي الشركات المصرية صباحًا في محاولة منها لفتح أسواق جديدة وفي المساء تجلس حتي ساعة متأخرة في مطعم (كبابجي شهير) لاستقطاب أكبر عدد من المصريين.

كانت هناك تغييرات سياسية في مطبخ الرئاسة تنذر بعلامات سيئة فرئيس الدولة قرر رفع كل القيود عن رجال الأعمال الإسرائيليين حتي تملك الأراضي والعقارات بل ومنع أجهزة الأمن من تطبيق الإجراءات المتعارف عليها بعد اتفاق خاص له مع رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها "شيمعون بيريز" ورئيس الموساد "شبتاي شافيت" الذي تولي رئاسة الموساد من 1989 إلي 1996 والذي سيظهر بعد ذلك بأعوام طويلة مديرًا لشركة "أمبال" المملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي "يوسي مايمان" وسيلعب بعدها في تاريخ مبارك دور وسيط الرشوة في صفقة الغاز المصرية - الإسرائيلية.

كانت أجهزة الأمن السيادية مصرية بامتياز، فوزير الداخلية هو اللواء "محمد حسن الألفي" حتي جهاز أمن الدولة المنحل سيئ السمعة كان في تلك الفترة جهازًا وطنيا لم يتلوث بعد والغريب أن "رئيس الجهاز كان هو "حبيب إبراهيم العادلي" كما أن رئيس الملف الصهيوني في إدارة أمن الدولة بالجيزة المسئولة عن السفارة الإسرائيلية كان هو العقيد "أحمد رمزي" المتهم أيضا بقتل الشهداء.

في الوقت نفسه كان اللواء "عمر سليمان" مديرا جديدًا للجهاز وتحديدًا منذ 22 يناير 1993 رجلاً مصريا عملاقا أعاد بناء الجهاز المصري من جديد، وكل الأقسام والفرق قد أقسمت علي حب مصر أمام رغبات الرجل الكبير الذي أصيب بفيروس "الحب الإسرائيلي".

بينما كانت المعلومات الأولي تنذر بأننا أمام جاسوسة إسرائيلية من الدرجة الأولي فتصرفاتها وحجم علاقاتها جعلها تغطي كل المناطق الصناعية المصرية خلال عامها الأول في مصر ، بل كان لا يمكن أن تنطق أمامها باسم مصنع أو شركة مصرية كبري إلا وتخرج لك كروت ملاك ومديري تلك الشركة وتتصل بهم أمامك وكأن بينهم علاقة لسنوات طويلة.

في شيراتون الجزيرة كانت الفواتير التي تدفعها الشركة الأمريكية لإقامتها تبلغ آلاف الدولارات يوميا فكانت تقيم العزومات لكبار رجال الأعمال المصريين وكانت تستخدم كل أقسام الفندق وكانت فاتورة قسم خدمة رجال الأعمال اليومية من اتصالات وفاكسات دولية غير عادية ونحن هنا نتكلم عن فترة سبقت الإنترنت والتليفون المحمول.

كان السؤال المنطقي هل تحقق أرباحا وتعقد صفقات يومية تغطي تلك النفقات الباهظة؟ والأهم لماذا كل تلك العلاقات غير المفسرة أحيانا؟ ولماذا الشركات المصرية الحساسة؟ والعجيب أن العلاقة بين شركات البناء ممثلة في مجموعة "طلعت مصطفي" الصاعدة أيامها وشركات الكيماويات الحساسة خاصة كاتو أروماتيك لرجل الأعمال المصري "إبراهيم كامل" ومؤسسة العالم اليوم الصحفية لمالكها "عماد الدين أديب" وشركة حورس لمعارض الآثار المصرية بالخارج ومجموعة شركات "شريف والي" ومجموعة محلات "عمر أفندي" ومجموعة "شملا" وشركة النحاس المصرية في برج النواتية بالإسكندرية ومجموعة "محمد تيسير الهواري" للحديد وشركة صوت القاهرة ومصطفي منتصر ومجموعة "حسين سالم" وصحفي رئاسي كبير ومصانع المنتجات الغذائية ورجل الأعمال الصغير "أحمد عز" وعشيقها المغمور في مخازن مستشفي قصر العيني الفرنسي ومصانع المنتجات الغذائية المصرية الصاعدة في العاشر من رمضان ومصانع الشيبسي التي كانت تبدأ لتوها ومصانع "رشيد محمد رشيد" ومنصور عامر والنساجون وشركات تصنيع الأدوية وكم دفاتر الكروت التي كانت تملؤها دوريا وترسلها أولاً بأول لإسرائيل إلي عنوان مفتعل، عقب تتبعه وجد أنه "معهد الصناعة الإسرائيلي" في هرتسليا كان لا علاقة لها ببعضها أمنيا.

مع ذلك كانت الإجابة كبيرة وواضحة فتلك السيدة لم تأت إلي مصر كما قال "حسني مبارك" للتسويق لشركة أمريكية كبري ويجب تقديم المساعدة لها لأنها جاءت لعمل دراسات أمنية استراتيجية علي قطاع الصناعة والتجارة في مصر بشكل عام وغير مسبوق منذ توقيع معاهدة السلام.

معلومة مهمة أكدت أن ديفورا كانت تجمع معلومات من القاهرة عن رجال الأعمال المصريين في تل أبيب خاصة عن رجل أعمال يدعي "محمد الطويلة" كانت تسأل عن خلفيته وعن شركاته وعما إذا كانت شركاته غطاء للمخابرات المصرية من عدمه وكان الرجل يريد استيراد وتصدير البرتقال واليوسفي اليافاوي (يافا).

وضعت أولي المعلومات علي مكتب رئيس الجمهورية فرفضها وكأنه يدافع عن عملاء إسرائيل فقررت الأجهزة الوطنية التدخل بتهديدها صحفيا ولخبرتها كمستشارة صحفية لعدة وزراء إسرائيليين من قبل نجحت الخطة وبدأت عملية السيطرة علي العميل.

وبقي الشاغل الأهم هو الحفاظ علي استمرارية السيطرة علي تلك العميلة علي مدار الساعة ، حتي وهي في إسرائيل بينما كل هذا كان يدور سرًا ضد رغبة الرئيس المصري الذي لو كان قد علم بالموضوع في تلك المرحلة من العملية لكان أطاح بالكبير قبل الصغير.

المصدر روز اليوسف